ثقافة وحوارخاص الموقع

هل قيامة الاموات تشْمَلُ المجرمين؟

الآية الاخيرة من قانون الايمان المسيحي هي ” أترجى قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي آمين”.
أتساءلُ وأنا أتأمَّلُ في تاريخ البشرية الذي يسجِّل لنا أخبار الحروب والغزوات، التي زَرَعَتْ في بلادٍ آمنةٍ، هنا وهناك، في الشرق والغرب، الدَّمارَ والخرابَ والحرائقَ والويلاتِ والملايين من الضحايا! حرائق أكلت الاخضر واليابس… ونذكر من بين هذه الحروب والغزوات، ما قيل عن المجرم أتيلا: لا يبقى ولن يبقى عشب أخضر بعد أقدام خيلي وأقدام جيشي… وهذا ما عُرِفَ في التاريخ بسياسة الارض المحروقة !…
وأنا أتأمل في هذا التاريخ المظلم، أسمعُ في وسائل الإعلام، أخبار الحرائقِ التي على ما تذكرُ الأخبار، أمر بها الرئيس ترامب، رئيس الدولة العظمى، الولايات المتحدة الاميريكية! تلك الحرائق ألتي أحرقتْ حقولَ القمحِ في شمال سورية…
وأسمع عن سرقة النفط السوري! وأسمع عن تصاريح هذا الرئيس: إنه يحب رائحة البترول، وأنه دخل سوريا ليسرق هذا البترول!
وماذا نقول عن “قانون القيصر”، الذي يزيد العقوبات على سوريا، ويفرض عليها حصاراً اقتصادياً، وطبياً، وغذائياً…ويحرم أطفال سوريا الحليب والدواء.
وكأني بالمجرمين العالميين في التاريخ، يقومون من قبورهم، ليعودوا ويكرّروا جرائِمَهُمْ التاريخية!

أمام كل هذه الجرائم، أضمُّ صوتي إلى صوت قداسة البابا فرنسيس، لكي نحكم على جريمة قتل الاميريكي جورج فلويد من قبل شرطي أميريكي ، بطريقة وحشية متباهياً بجريمته! ما تسبَّبَ بالحريق الذي يجتاح الولايات الاميريكية، وكأنه كورونا جديدة! إنها صوت الله! إنها صوت الضحايا التي تسبَّبتْ بها الحروب التي تقوم بها الولايات المتحدة في أماكن شتَّى في العالم!…

أليستْ هذه السياسة إجراماً؟ أليست قرصنة؟ أليست “جريمة حرب”؟ وتستحق وقفةً واضحةً من قبل الامم المتحدة والمؤسسات الإنسانية العالمية ؟ ومن قبل الدول في العالم شرقاً وغرباً؟
إن هذه السياسة من قِبَلِ رئيس دولةٍ عظمى نحترمُها، تطال في إجرامِها البشرَ والحجر! فإلى جانب الحرائق في شمال سوريا، في هذه الأيام الاخيرة، هناك جرائم سرقة البترول السوري، وإجلاءِ مئاتٍ من السوريين في شمالي سوريا، كي يموتوا في حربٍ إجرامية في ليبيا؟
نقول بجرأةِ الإيمانِ لحضرة الرئيس ترامب: كفى! أنت مسيحيٌّ ومؤمن! راجع إنجيلك! راجع قِيَمَ إيمانك المسيحي! راجع ضميرك! أنا إنسان مؤمن! أنا مسيحيٌّ مثلك! أدعوك بكل جرأةٍ، وبغيرةِ القديسين في تاريخ الكنيسة، في وقوفِهم أمام جرائم التاريخ. وبكل محبة أدعوكَ إلى فحص ضمير صادق! أدعوكَ إلى التوبة! أدعوكَ إلى تصحيح سياستِكَ تجاه دولٍ كثيرة! أدعوك لكي تُعيدَ النظرَ في العقوبات الاقتصادية التي توزِّعها هنا وهناك على دولٍ، ومن خلال وبسبب هذه العقوبات يجوع كثيرون، ويموت كثيرون، وينمو الحقد، وتنمو الكراهية ويتواصل العداء بين الناس! ويخاف أناسٌ من اندلاع حروب جديدة… وويلاتٍ تُضافُ إلى وباء الكورونا، التي ضربت بلادك أكثر من الدول الأخرى…
سيادة الرئيس! كلامي هذا صادرٌ من قلبِ مؤمنٍ، ومن ضمير حيٍّ، ومن شعور عميق مرهف بآلام الناس، ولا سيما في الشرق الأوسط، في فلسطين والعراق ولبنان واليمن، لا سيما في سوريا التي هي مع هذه البلدان مهدُ المسيحية!
إن الحروب لا سيما تلك التي خلَّفها ما يُسمَّى بهتاناً بالربيع العربي، قد جرَّت ويلات كثيرة على عالمِنا ومشرِقِنا العربي! وتسبَّبت بهجرة الملايين، ولا سيما من أبناء وبنات رعايانا المسيحيين! إن هجرةَ المسيحيّين من المشرق المسيحيِّ العربي، خطرٌ على وجود المسيحيين في مهدِ المسيحية، وعلى رسالتهم ودورهم التاريخي، وعلى الحوار المسيحي – الاسلامي، في الشرق، لابل في العالم! بين المسيحية والإسلام! وعلى مسيرة السلام في المنطقة، لا سيما في الأرض المقدَّسة! إن ما أطلقْتَه يا سيادة الرئيس من خطَّةٍ للسلام، دُعِيَتْ “صفقة القرن” ستكون سبباً إضافياً لهجرة المسيحيين، من القدس والاراضي المقدّسة، ومن البلاد العربية… وتدقُّ الاسفين في عملية السلام في فلسطين، بين العرب واليهود، بل في مسيرة السلام في المنطقة والعالم!
أمام كل هذه المآسي نرفع الصلاة لأجْل أن تنتشر في العالم قِيَمُ الانجيل، قيم العدل والسلام واحترام حقوق الانسان وحياته وكرامته وحريته…
آمل أن تجدَ هذه الكلمة، أو هذه الصرخة، طريقاً إلى أُذنيك وإلى قلبك وضميرك! وانت ستكون في صلاتي الحارة لأجلك ولأجل بلدك ولأجل السلام في العالم!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى