
من موقعي السياسي الذي يتألم على امتنا العربية وعلى شعوبنا ودولنا، التي تم تخريبها واحدة تلو الاخرى، والذي لا يؤيد محور الممانعة ولا يعتبر شعاراتها وممارساتها الا تسابقا مع اخصامها الى دور تشغيلي ( انتزاع وظيفة) في خدمة الراسمال العالمي.
من هذا الموقع ادعو منظري الممانعة وصانعي سياساتها، أدعو هؤلاء ومحاوريهم واعلامييهم، فقط لسلامة المنطق وصحة التحليل، ان يعيدوا تحديد الاحجام والاوزان في ما يفترضون انه محور يتضمن روسيا والصين وايران والعراق وسوريا الاسد وحزب الله وحركة الجهاد الاسلامي.
الموضوعية تقضي ان ندرك ان اكبر الاوزان الاقتصادية في هذا “المحور المتوهم” هي الصين، والصين قوة اقتصادية وديبلوماسية واكبر شريك اقتصادي للولايات المتحدة الاميركية، نعم تتنافس مع الولايات المتحدة من ضمن التنافس الراسمالي لكنها شريك، وهي حريصة على علاقاتها مع اميركا، اكثر بكثير من حرصها على علاقاتها بايران وسورية، وطبعا حزب الله، وهي تقيم شراكات مع اسرائيل منذ ١٩٧٠، وحجم الاستثمارات الصينية في اسرائيل يصل ال ٥٠ مليار $، من بينها اعادة بناء مرفا حيفا، الذي يعدنا السيد نصرالله بقصفه بصواريخه، وقدرة ايران وحزب الله على جرها الى استراتيجيتها، تشبه رواية ان “جديا لعب في عقل تيس”، هي ليست دولة عمليات عسكرية وهي ليست لديها اية نوايا معلنة في الانخراط في اي مواجهة.
وقد بدى نصرالله في كلمته أن لا دراية كافية لديه في كيفية تفكير الصين وكيفية ادارتها للملفات. فهل سأل السيد نفسه؛ ماذا يريد الشرق من لبنان وما هي نواة الجذب له سوى انه يريد من لبنان استثمار شبكة علاقاته العربية والغربية، ليكون صلة الوصل ومستودعا للانتاج الصيني.
لذلك فان سياسة التصعيد والمواجهة، التي يتبناها نصرالله لا تجدي لبنان نفعاً، بل تضيّع عليه فرصة أن يكون نقطة تلاقي كما تريد الصين لا مجرد صندوق بريد لاطلاق رسائل التهديد المشتعلة الى الغرب والعرب.
فحجم لبنان لا يُنظر إليه من منطلق سوق استهلاكية للمنتجات الصينية، و لا نفع لشبكة السكك الحديدية بين العبدة والناقورة وامتدادا الى حيفا، ولا الى نفق بيروت البقاع والميناء الجاف، التي ابدت الشركات الصينية استعدادها لتنفيذها، الا ان تكون محطة انطلاق، في مشروع “الحزام والطريق” والا غير ذلك يكون مجرد كلام.
تحتاج الصين لهذه المشاريع تأمين جدواها الاقتصادية ، لتستعيد الشركات الصيني قروضها الميسرة من الحكومة؟ ومن يؤمن للدولة الصينية، جوابا كافيا، بحال سألت لبنان عن الضمانة الامنية والاقتصادية والقضائية للشركات عندما تحضر وتوافق على مبدأ الBOT،
لذلك فان التوجه الى الشرق لا يكون بسحر ساحر، ولا بارنب يخرج من كم أحد. ولا بتعويم نظام قائم على التهريب والاقتصاد الاسود ،من اجل اقتصاد حزبي او انظمة استبداد.
الدولة الثانية في “المحور المتوهم” هي روسيا وهي دولة كبرى على المستوى العسكري لكنها قزم اقتصادي لم يصمد امام السعودية في معركة حصص الدول والانتاج من النفط في الاشهر الماضية، والواضح ان تدخلها في سورية لدعم نظام الاسد، قد قلب موازين القوى في سورية وهزم المعارضة “عسكريا”، وستر وأخفى هزيمة الميليشيات الايرانية قبل تدخلها، لكن التدخل الروسي في سورية لم يكن دون موافقة اميركية مع وضع خطوط حمر لهذا التدخل، ودون تواطئ اسرائيلي منع تموضع قوات ايرانية او مسلحين تابعين لها جنوب دمشق، واباح الاجواء السورية لطيران العدو، يعربد فيها ساعة يشاء، ودون صمت دول عربية خليجية، كانت انظارها ترتاب وتشكك في خطر الاخوان المسلمين و في تمدد تركيا الى الساحة السورية، وبالمحصلة روسيا تبحث عن حل سياسي في سورية وعن ثمن تقبضه مقابل النفوذ الايراني و مقابل راس النظام السوري، وياتي قانون قيصر ليجعل هذه الصفقة على سكة التنفيذ.
روسيا والصين ليستا بوارد تنفيذ استراتيجية يعلنها، لا السيد خامنئي ولا السيد نصرالله، ولا الرئيس الاسد طبعا.
نصل الى العراق، التطورات العراقية ليست في صالح اية استراتيجية ممانعة، فقد انهكه الفساد حتى الافلاس ثم سقطت هيبة الاسلام السياسي الشيعي المتحالف مع ايران واصبح في موقع الاتهام، ومحصلة القدرات العراقية اليوم هو موقف النأي بالنفس عن الصراع، واعادة التموضع الجيوسياسي على مستوى الاقليم، واعادة بناء الاقتصاد العراقي بعد ان تعرض العراق لاكبر منهبة في التاريخ الانساني وكانت لايران وأحزابها دورا اساسيا_ مع اطراف اخرى_ في هذه المنهبة.
وفي موقع ذكر العراق والصين ودعوة السيد نصرالله للتوجه شرقا، الذي يصوره لنا توهما بانه تعامل مع الصين, ليخفي واقع تحميل لبنان اعباء حصار ايران ونظام الاسد.
في هذا الموقع نذكر بأمرين الاول ان مستوردات لبنان من الصين تزيد عن ٤ مليارات دولار سنويا، وان قيام مشاريع لشركات صينية في لبنان عبر BOT، أمر جيد ومبتغى، لكن ما يمنعه غياب شرطين لا وجود لهما في لبنان الشرط الاول سعر مستقر لليرة اللبنانية مع القدرة على تحويل جبايات الشركة من خدماتها الى عملة صعبة، والشرط الثاني هو ان تكون استثمارات الشركة ووظائفها و ارباحها و جباياتها لا تخضع لنفوذ ميليشيات الطوائف واقتطاع خوات من أرباحها لزعماء الاحزاب، وهو امر حدث العراق مع الشركات الصينية من قبل احزاب العراق الطائفية وادى الى انسحاب الشركات الصينية بعد بدء مشاريعها، فيما اعلنت الحكومة الصينية ان الصين لا تستثمر في بلد تتقاسم سيادته الحكومة مع الميليشيات.
وبعد أن حددنا “المحور المتوهم” نصل الى “المحور الحقيقي” نعم يضم هذا المحور ايران والحوثيين وسورية الاسد وحزب الله وحركة الجهاد في فلسطين.
ناقشوا خياراتكم على هذا الاساس ونتمنى لكم ان تهزموا اسرائيل واميركا بهذا المحور، وعندها فقط سننحني اجلالا لانجازاتكم ان حصلت، ومن اليوم حاضرا وحتى ذلك اليوم مستقبلا سندعوا الله رأفة بكم وحرصا على اهلنا بان تستيقظوا من احلام اليقظة