أخبار محلية

في مواجهة التحديات القادمة : مبادرات لبنانية حوارية لملء الفراغ؟

يواجه لبنان في الايام والاسابيع المقبلة المزيد من التحديات الداخلية والخارجية والتي تتطلب التحرك السريع من اجل تعزيز الوحدة الداخلية وبناء شبكات الامان الوطنية، وقد تكون مبادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للدعوة الى مؤتمر وطني في قصر بعبدا من اجل مواجهة هذه المخاطر، لكن هذه الدعوة لم تلق التجاوب المطلوب من قبل معظم الشخصيات والقوى السياسية والحزبية اللبنانية مما اضعف تأثيرها الايجابي.
لكن ازدياد المخاوف الداخلية من التحديات القادمة دفع بعض مؤسسات المجتمع المدني والهيئات الحوارية الاهلية للبحث في اطلاق مبادرات حوارية مدنية لمواجهة هذه التحديات وتحصين الوضع الداخلي اللبناني.

فما هي طبيعة التحديات القادمة التي قد يواجهها لبنان واللبنانيون؟ وما هي طبيعة المبادرات الحوارية التي يتم البحث في اطلاقها لتحصين الوحدة الداخلية وبناء شبكات الامان؟

طبيعة التحديات القادمة

لقد شكّلت الاحداث والتطورات التي جرت خلال الاسبوعين الماضيين جرس انذار خطير لحجم المخاطر التي يواجهها اللبنانيون، فالتحركات السياسية والشعبية لمواجهة الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والدعوة لتطبيق القرار 1559 ونزع سلاح حزب الله تحولت بشكل سريع الى احداث امنية واشتباكات خطيرة كادت تؤدي الى فتنية مذهبية سنية – شيعية، والى عودة خطوط التماس بين الشياح وعين الرمانة واقامة خطوط تماس جديد داخل بيروت ، اضافة الى حجم العنف والتدمير والتخريب الذي وقع في بيروت وطرابلس ، ولقد جرى استيعاب مخاطر ما حصل لكن المخاوف لا تزال قائمة في ظل تصاعد الدعوات لتطبيق الفيدرالية وتغيير النظام وفي ظل استمرار تأزم الوضع الاقتصادي والمعيشي.

يضاف الى هذه المخاطر بعض التطورات الخارجية التي بدأت تحصل او قد تحصل في الاسابيع المقبلة ، ومنها البدء بتطبيق قانون قيصر والذي يفرض عقوبات قاسية على كل من يتعامل مع النظام السوري مما سيكون له انعكاسات خطيرة اقتصادية ومعيشية على الوضع اللبناني، كما ان اتجاه الحكومة الصهيونية لتنفيذ قرار ضم الضفة الغربية وغور الاردن واستكمال تطبيق صفقة القرن الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية ستكون لها انعكاسات خطيرة على لبنان وعدد من الدول المحيطة بالكيان الصهيوني.

كما تتخوف بعض الاوساط السياسية والدبلوماسية من تصاعد الاوضاع في المنطقة وحصول تصعيد عسكري كبير قد يجر المنطقة الى حرب واسعة.

وكل هذه التطورات والتحديات ستفرض على لبنان واللبنانيين المزيد من المخاوف والمخاطروالتحديات.

مبادرات حوارية مدنية

في مواجهة هذه التحديات والمخاطر التي تواجه لبنان بدأت بعض مؤسسات المجتمع المدني البحث في اطلاق مبادرات حوارية متنوعة لمواجهة هذه التحديات ، فالمنسقية العامة لشبكة الامان للسلم الاهلي عقدت لقاء خاصا لبحث هذه التحديات وكيفية مواجهتها بالتعاون مع عدد من النقابات والمؤسسات الاهلية ومن خلال التواصل مع القيادات السياسية والحزبية، فيما ينشط ملتقى حوار وعطاء الذي يضم العشرات من الشخصيات السياسية والاقتصادية والاعلامية والاجتماعية من اجل اطلاق بعض المبادرات الحوارية وكيفية دعم الزراعة والصناعة واصلاح الوضع الاقتصادي والمالي، فيما عقدت في طرابلس عدة لقاءات واجتماعات من اجل البحث في تحصين الوضع الداخلي ومنع عودة التخريب والعنف، كما عقد ملتقى التأثير المدني عدة لقاءات حوارية لتشكيل جبهة وطنية ومدنية جديدة من اجل اعادة تنظيم الحراك الشعبي وتطويره.

وهناك لقاءات ومبادرات اخرى تطلق في معظم المناطق اللبنانية لتشجيع الزراعة والدعوة للحوار حول مختلف القضايا ومواجهة النزاعات المختلفة، ومع ان كل هذه المبادرات لن تغني عن الحاجة الى حوار وطني شامل يضم كل القوى السياسية والحزبية وبرعاية رسمية من اجل البحث في كل القضايا والتحديات التي يواجهها لبنان واللبنانيون ، لكن اهمية هذه المبادرات الحوارية المدنية تؤكد ان المجتمع المدني والاهلي في لبنان لن يبقى مكتوف الايدي في ظل ازدياد المخاطر والتحديات القادمة.

وفي الخلاصة فان كل المؤشرات والمعطيات الداخلية والخارجية تؤكد ان الوضع في لبنان سيشهد المزيد من المخاطر خلال الايام والاسابيع المقبلة وهذا يتطلب اعلان حالة الطوارئ وتفعيل كل اشكال المبادرات الحوارية الرسمية والمدنية والاهلية والا فاننا سنكون امام خطر حرب اهلية جديدة وصراعات عسكرية متفاقمة في الداخل والخارج.

قاسم قصير

المصدر
al-aman
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى