ثقافة وحوار

السيد علي فضل الله: السبيل والحل الأمثل لمواجهة هذا الوباء هو بالالتزام بالإجراءات الكافية والتشدد فيها

ألقى سماحة العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:
عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى به الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين عندما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}..
حيث دعا الله سبحانه وتعالى المؤمنين إلى أن لا تهزمهم البلاءات ولا تكسرهم المصاعب والتحديات، بل أن يثبتوا أمامها ويتماسكوا ولا يجزعوا وأن يستعينوا عليها بالصبر، وبأن يفيئوا إلى الصلاة التي إن أدوّها كما ينبغي، فهي تمدهم بالطمأنينة والعزيمة والإرادة.. ومتى فعل المؤمنون ذلك سيكونون أقوى وأقدر على مواجهة التحديات..
والبداية من لبنان الذي تتصاعد فيه الأزمات على الصعيد الصحي والاقتصادي والمعيشي والأمني وبفعل التطورات المتسارعة التي تحدث على الصعيد الإقليمي والدولي والتي لن يكون لبنان بمنأى عن تداعياتها، يأتي كل ذلك فيما لا تزال القوى السياسية تعيش النكران واللامبالاة إزاءها، فكل هذه الأزمات لا تجد فيها هذه القوى ما يستدعي الإسراع بتأليف حكومة كفوءة قادرة على مواجهتها وإخراج البلد من النفق المظلم الذي دخل فيه وتحظى بثقة اللبنانيين والعالم بها..
فلا تزال الحكومة في براد هذه القوى رهينة الشروط والشروط المضادة، وأسيرة تجاذباتها ومحاصصاتها وحساباتها الخاصة ومصالحها، ولا يبدو أنه سيفرج عنها قريباً..
وهذا لا يعني أن ننفي دور الخارج ومسؤوليته في تعقيد الأمور ووضع العصى في دواليب تشكيل الحكومة ومنع المساعدات الضرورية لهذا البلد، ما لم يتم الأخذ بشروطه وخطوطه الحمراء..
فقد أصبح واضحاً أن ما نعانيه له بعد داخلي وخارجي، ولكن هذا ليس كل الخارج، فهناك من الخارج من يريد لهذا البلد الاستقرار ومساعدته على خروجه من أزماته إن هو ساعد نفسه وقام بما يجب عليه من إصلاحات ضرورية.. ونبقى نؤكد أن هذا البلد قادر على تجاوز كل ضغوط الخارج إن قررت قواه السياسية أن تخرج من حساباتها الخاصة ومن أي رهانات على هذه الضغوط وتوحد جهودها إن هي تعاونت فيما بينها لخدمة هذا البلد..
فقد أثبتت تجارب الماضي والحاضر، أن الخارج يستكين لمنطق الأقوياء ويستجيب لشروطهم في نهاية المطاف فيما يخضع له الضعفاء ومن يسمحون له بالنفاذ إلى ساحتهم..
في هذا الوقت، يترقب اللبنانيون نتائج الإقفال على أعداد المصابين بفيروس كورونا، وإذ نشدد على أهمية الاستمرار بهذه الإجراءات لضمان عدم انتشار الوباء وعلى الخطوات التي تم القيام بها، ولكن هذا لا يعني أن تدير الدولة ظهرها لتداعيات الإقفال على القطاعات التي شملها الإقفال، وخصوصاً على الطبقات الفقيرة واتخاذ الإجراءات التي تضمن لها القدرة على تأمين سبل عيشها الكريم..
ونبقى نؤكد أن السبيل والحل الأمثل لمواجهة هذا الوباء هو بالالتزام بالإجراءات الكافية والتشدد فيها من قبل الدولة، وهنا نقدر للقوى الأمنية وللبلديات تشددها وندعوها إلى الاستمرار بذلك، ونأمل هنا أن تجيّر محاضر الضبط التي سطرت بحق من لم يتقيدوا بإجراءات الوقاية لتكون لحساب مواجهة هذا الوباء في هذه المرحلة، لا أن تكون لمواقع أخرى..
وعلى صعيد الدولار الطالبي، فإننا نجدد دعوتنا الدولة إلى تحمل مسؤوليتها تجاه آلاف الطلاب في الخارج الذين يعانون بسبب عدم قدرة أهلهم على إرسال المال للذين يتابعون دراستهم بعد ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، وأن لا يكتفوا بالعذر وتبرئة الذمة بأنهم أصدروا القانون لذلك، بل لا بد من وضع الآليات الكفيلة بتنفيذه.
وأخيراً تطل علينا وسائل الإعلام وبعض المسؤولين بملفات يُشتّم منها الفساد، لكن تبقى في دائرة الأخبار من دون أن نجد القضاء يتحرك ليضع يده عليها، ليبين معها أين هي الحقيقة وليظهر صدقيتها من عدمها، حتى لا يظلم مسؤول أو يتهم من لا ينبغي اتهامه أو حتى لا تطرح هذه الملفات في لعبة الصراع السياسي، فتظهر عنده وتختفي عندما يزول.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى