
كتبت “عربي 21”: تطرق مركز بحثي إسرائيلي الى أهم الاستعدادات العسكرية والأمنية التي يتوجب على الجيش الإسرائيلي الأخذ بها، استعدادا لحرب واسعة مقبلة، يمكن أن تندلع في جبهات متعددة والتي يرى أنها تجرى على “نار هادئة”.
معركة واسعة
وأوضح “مركز بحوث الأمن القومي” التابع لجامعة “تل أبيب”، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده غال بيرل فينكل، أن “الجيش الإسرائيلي نفذ في منتصف تشرين الثاني الماضي، غارة واسعة علنية في سوريا، بعد العثور على عبوات ناسفة قرب استحكام 116 في هضبة الجولان، والتي زرعت بتوجيه من وحدة 840 التابعة لقوة القدس الإيرانية”.
وفي هذا الهجوم الإسرائيلي المعلن، “استهدفت 8 أهداف بينها مخازن للوسائل القتالية، وبطاريات وصواريخ أرض-جو، وقيادة قوة القدس وقيادة الفرقة 7 السورية، وقتل عدد من الجنود السوريين والإيرانيين”، بحسب المركز الذي نبه إلى أن الهجوم جاء في ظل “تحفز مضاعف لقيادة الشمال حيال حزب الله بعد مقتل أحد عناصره في هجوم نسب لإسرائيل في سوريا”.
ولفت إلى أن الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، “تعهد بالرد على قتل عناصره، وحاول عدة مرات “تصفية الحساب” مع إسرائيل دون نجاح”، مضيفا أنه “بالتوازي نسب لإسرائيل عدد آخر من الهجمات ضد قواعد قوات إيرانية في سوريا، وهي بمثابة إشارة لنصرالله بأن المعادلة التي طرحها لا تردع إسرائيل، ومع ذلك فإن التوتر لم ينتهِ وقد عاد ليشدد منذئذ على أن الثمن لم يُجبَ بعد”.
ونوه المركز، في تقديره الذي يأتي ضمن نشرة استراتيجية يصدرها بشكل شبه دوري تحت عنوان “نظرة عليا”، إلى أن “التوتر يدار حتى الآن على نار هادئة، مثلما حصل في الماضي في الجنوب والشمال، الطرفان على مسافة بضع خطوات من تصعيد كفيل بأن يتطور لحرب، وبشكل يشبه السلوك بين حماس وإسرائيل، يتلخص في بضعة أيام قتالية يمكن احتواؤها وإدارتها بشكل منضبط”.
عملية حيوية
ورأى أن “احتمال الضرر للتصعيد بالشمال، الذي يفوق بقدر كبير حجم الضرر الذي من شأن حماس أن تلحقه بإسرائيل، يمكن أن يؤدي صعوبة في التحكم بالتطورات ومنعها من أن تتحول لمعركة واسعة”.
وتابع: “في كل فحص لوضع إسرائيل الاستراتيجي، يجب أن يدرج إلى جانب هذا التوتر المتواصل متغيرات إضافية، بينها عملية الانتقال بين إدارة الرئيس دونالد ترامب والمنتخب جو بايدن، والتي في أثنائها يمكن لواشنطن أن تهاجم أهدافا إيرانية في المنطقة؛ وهذا تطور كفيل بأن يجر ردا إيرانيا ضد إسرائيل، وكل هذا في ظل كورونا وأزمة سياسية داخلية”.
وأكدت الدراسة، أن “الشلل السياسي في عملية اتخاذ القرارات، يمس بجاهزية جهاز الأمن لتصعيد أمني، ومنذ إقامة الحكومة، قبل أكثر من نصف سنة، لم تقر الميزانية، بما في ذلك ميزانية الأمن؛ وبالتالي لم تتقرر مشتريات الأجهزة والوسائل القتالية الجديدة، كما لم تقر الخطة متعددة السنين التي عرضها رئيس الاركان أفيف كوخافي -تنوفا”.
ونبه إلى أن إقصاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لعدد من كبار الوزراء وهيئة أركان الجيش في المشاركة في زيارته الأخيرة للسعودية ومسيرة التطبيع مع الدول العربية، يؤثر بشكل “حرج في قدرة إسرائيل على اتخاذ قرارات حيوية في المجال الأمني بالنسبة لبناء القوة، وليس أقل أهمية من ذلك في مجال استخدام القوة، وفي حالة التصعيد في الشمال، فإن قدرة قادة الجيش ومسؤولي القيادة السياسية على إدارة حوار سريع ومرتب، يقوم على أساس الثقة والمعرفة، وهي عملية حيوية لقدرة إسرائيل على إدارتها بنجاح”.
جبهات متعددة
وعلى هذه الخلفية، “ينبغي الترحيب بإصرار كوخافي على تنفيذ اجزاء حيوية من خطة “تنوفا”، وإجراء المناورة متعددة المنظومات “سهم فتاك”، في نهاية تشرين الأول ر والتي كانت تمثل معركة في أكثر من ساحة، ونفذت بمشاركة قوات الاحتياط، وإلى جانب هذه المناورة جرت تدريبات أخرى لقوات النظام والاحتياط، وتدريبات أخرى مستقبلية ستجرى في الأشهر القريبة القادمة”.
وأفاد أن “القوة الجوية الإسرائيلية؛ ناجعة وفتاكة، وتعرف كيف تعمل في إطار هجمات كبيرة على نحو خاص، وتبلور في سلاح الجو مفهوم الضربات، بحجم ودقة عاليين، حين يكون على كل ضربة أن تحدث دمارا للعدو يتجاوز توقعاته لقدرات ونوايا الجيش، مما يجبر العدو على توظيف مقدراته في الدفاع وإعادة الترميم”.
وبالمقابل، “بجانب القوة الجوية، إسرائيل مطالبة بجهد بري استكمالي، عدواني وسريع يضرب نشطاء العدو في مناطقهم، ويخلق في أوساطه إحساسا بالملاحقة وانعداما لليقين، كما يكشف أهدافا لهجوم دقيق بالنار”، منوها أنه “في المناورة البرية ظهرت مؤخرا فجوتان مركزيتان، الأول؛ في القدرة على توفير رد على الصواريخ نحو الجبهة الداخلية، والثانية؛ في القدرة على حرمان العدو بسرعة وبتواصل من قدراته في مراكز ثقله”.
وبناء على ذلك، “تبلور في الذراع البري في الجيش مفهوم مناورة يتمثل بالتثبيت، الكشف، الجمع، الضرب، الهجوم وبموجبه ستوفر للقوات المناورة قدرات استخبارية وكشف مضاعفة، بحيث تتمكن من العثور على العدو، ضربه، وحرمانه من قدراته، عبر نار دقيقة؛ سريعة وفتاكة”.
وقدر المركز البحثي، أن “المجالات الواسعة في لبنان والمناطق المدنية المكتظة في غزة، ستستوجب استخداما لهجمات واسعة من القوات، وبالتأكيد في حرب متعددة الجبهات، تتطلب استخدام قوات الاحتياط، لأن الجيش النظامي وحده لن يكفي، وهنا تكمن فجوة ثالثة في جاهزية الجيش؛ وهي أهلية القوات”.
معركة شاملة
وشدد على أهمية أن “يتدرب الجيش كي تكون له قدرة برية مؤهلة، خشية أن تجد إسرائيل نفسها مع جواب ناقص على التهديد”.
ونبهت الدراسة، إلى أنه “إلى جانب مستوى الجاهزية العالي، فإن عادة التدريب المعقولة هي تحد للجيش منذ تأسيسه، وذلك لأن يعيش على نحو دائم تقريبا في مواجهة مع تهديدات ملموسة، ولكن خوض التدريبات في ضوء كورونا، هو تحد مركب، في ظل متطلبات العائلة وإمكانية الإصابة بالمرض”.
وذكر رئيس الأركان، أن “أعداء إسرائيل لن يراعوا اضطرارات الوباء، ولا غيرها من الاضطرارات السياسية، وبالتالي على الجيش أن يرتب في أقرب وقت ممكن نظاما واضحا يتضمن تعويضا مناسبا لمعالجة المرضى أو من اضطروا لأن يبقوا في الحجر، بعد تدريب الاحتياط والاصرار على اجراء التدريبات”.
وبين أن “إجراء التدريبات إلى جانب النشاط الهجومي والمبادرات من الجيش في الساحات المختلفة، يعزز صورة الردع الإسرائيلية، ويوضح جاهزيتها للمعركة”.
وفي نهاية الدراسة، قال المركز: “رغم أن التقدير السائد بأن خطر الحرب متدنٍ، في الوقت الحالي بالذات، من الحيوي الحفاظ على مستوى أهلية وجاهزية عالية للجيش تمهيدا لتطورات غير متوقعة، ولا سيما حيال المحور الإيراني؛ في لبنان وسوريا وغرب العراق”.