
كتب الإعلامي أنطوان فرح مقالاً في صحيفة الجمهورية بعنوان “وزير «يُرعب» الزوار: لن نتعاون”، وجاء فيه:
إذا افترضنا انّ رئيس الحكومة المكلّف حسان دياب، نجح في تشكيل حكومة من التكنوقراط المستقلين، وانطلق في عملية الانقاذ المطلوبة. هل يمكن للبنان أن ينجو من الكارثة المالية والاقتصادية، ام أنّ الأضرار التي حصلت حتى الآن أكبر من أن يتم تعويضها بحكومة ارتسمت حول طريقة تكليف رئيسها أكثر من علامة استفهام؟
من خلال المؤشرات التي توافرت حتى الآن، يبدو انّ ولادة الحكومة الجديدة قد لا تكون سهلة. لكن، وفي حال تجاوز الرئيس المكلف المؤشرات السلبية، ومُنح فرصة، هل سيعني ذلك انّ الأزمة القائمة ستبدأ بالانحسار تدريجاً، وسيشعر اللبنانيون بنوع من الانفراج الاقتصادي والمالي، ولَو النسبي؟
لا شك أنّ مجموعة من التحديات تنتظر أي حكومة جديدة، ترغب في أن تبدأ العمل على الخروج من الحفرة العميقة التي وصل اليها البلد، لعلّ أهمها ما يتعلق بالتحديات التالية:
أولاً – كيف سيتم فصل القرار الانقاذي الاقتصادي عن القرار السياسي. حكومة دياب، واذا سلّمنا جدلاً انها ستضم شخصيات من الاخصائيين المستقلين، كيف ستتخطى حقل ألغام الصراعات السياسية المرتبطة عضوياً بالقرارات الاقتصادية والمالية؟ على سبيل المثال، كيف ستُقنع هذه الحكومة الفريق السياسي الذي تدين له بوجودها بأهمية التعاون مع صندوق النقد الدولي، في الاتفاق على تفاصيل خطة الانقاذ؟ وبالمناسبة، يمتلك هذا الفريق الاكثرية النيابية الكفيلة بتعطيل أي قرار تتخذه الحكومة، ويحتاج الى التشريع في المجلس النيابي.
ثانياً – ما هي السبل الى إقرار خطة إنقاذية تتضمّن تفاصيل لا تتفق حولها الاحزاب السياسية المسيطرة عملياً على القرار، بصرف النظر عمّن يجلس في السراي؟ على سبيل المثال لا الحصر، أي خطة إنقاذ في الوضع الذي وصل اليه لبنان، قد تشمل قرارات موجعة وغير شعبية، منها ما يتعلّق بالضرائب والرسوم. وقد صدرت أخيراً، دراسات من مؤسسات دولية تشير الى أنّ نسبة الضرائب والرسوم الى الناتج المحلي (GDP) في لبنان لا تزال متدنية قياساً بالنسبة المُعتمدة في غالبية الدول. وبالتالي، قد يكون رفع هذه النسبة من ضمن بنود الخطة المتوقعة. فهل ستوافق القوى السياسية كافة على تغطية اجراءات من هذا النوع؟ وهل يمكن تجاوز واقع انّ شرارة اندلاع انتفاضة 17 تشرين الاول تمثّلت برفع الرسوم على خدمة الواتساب؟ وهل يكفي تمثيل «الثورة» في الحكومة حتى تستقيم الامور، ويتم تدجين الرأي العام، للتفاعل بهدوء وتفهُّم مع القرارات غير الشعبية؟
ثالثاً – في الموضوع الاساس المرتبط بإعادة تكوين «المخزون» المالي في البلد، لجهة اعادة رسملة القطاع المصرفي، أو لجهة معالجة العجز في المالية العامة، أو بالنسبة الى إعادة تنشيط القطاع الخاص بكل مرافقه، هذا الملف يحتاج توافقاً سياسياً يسمح بإقرار مجموعة قوانين في مجلس النواب. فكيف سيتم تأمين الاجماع السياسي لضمان إمرار هذه القوانين؟ على سبيل المثال، مشاريع الخصخصة لا تزال من الملفات التي يدور حولها خلاف سياسي حاد. كذلك توجد خلافات سياسية في العمق حول دور المصارف، ومن البديهي انه سيكون هناك «صراع» على الطريقة التي ينبغي اعتمادها لإعادة رسملة هذا القطاع، والاتفاق على دوره في المستقبل.