
كشفت دراسة جديدة أن زيادة الوزن يمكن أن تساعد الناس على محاربة السرطان. فعلى الرغم من أن مؤشر كتلة الجسم المرتفع يرتبط بالسرطان والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وغيرها من الأمراض، إلا أنه ليس من السيء دائما أن تكون بدينا. فقد توصل باحثون، وفق تقرير نشرته صحيفة “ذا صن” البريطانية، إلى أن مرضى السرطان الذين يعانون من السمنة كانوا أكثر استجابة من المرضى النحيفين لعقار “أتيزوليزوماب”.
ويعد هذا العقار علاجا مناعيا شائعا لأحد أنواع سرطان الرئة الذي يعرف باسم (إن.إس.سي.إل.سي).
وقال المشرف على الدراسة، الدكتور غانيسان كيشيناداسي، وهو باحث في علم الأورام، “هذه نتيجة مثيرة للاهتمام وتدفع إلى إمكانية زيادة البحث والتحقق مع سرطانات أخرى وأدوية أخرى مضادة للسرطان”. وأضاف “نحن بحاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات حول العلاقة المحتملة بين مؤشر كتلة الجسم والالتهابات ذات الصلة والتي قد تساعد على فهم الآليات التي تكمن وراء الاستجابة المتناقضة لهذا النوع من علاج السرطان”.
ومن بين المشاركين البالغ عددهم 1434 مشاركا، كان لدى 49 بالمئة منهم وزن طبيعي و34 بالمئة يعانون من زيادة الوزن و7 بالمئة يعانون من السمنة. وكانت استجابة المرضى الذين يعانون من ارتفاع مؤشر كتلة الجسم للدواء أفضل بكثير.
وأردف الدكتور كيتشنادسي “رغم أن تحليلنا ركز على دراسة عدد محدود من الأشخاص وخلال فترة تناول الدواء فقط، فإننا نعتقد أنها تستدعي إجراء مزيد من الدراسات حول الدور الوقائي المحتمل لارتفاع مؤشر كتلة الجسم في علاجات السرطان الأخرى”.
وتجدر الإشارة إلى أن باحثين من جامعة جونز هوبكينز الأميركية قد طوروا فئة جديدة من العقاقير المناعية للسرطان، قالوا إنها كانت أكثر فاعلية في انخفاض نمو الأورام الخبيثة حتى ضد السرطانات التي لا تستجيب للعقاقير المناعية الحالية. ونشرت نتائج الدراسة في دورية (نايتشر كوميونيكايشن). ويعمل العلاج المناعي عادة من خلال تنشيط الجهاز المناعي لتدمير الخلايا السرطانية.
وأوضح الدكتور أتول بيدي قائد فريق البحث أن الجهاز المناعي قادر بشكل طبيعي على الكشف عن الخلايا السرطانية والقضاء عليها، ومع ذلك، فإن جميع أنواع السرطان تقريبا بما في ذلك السرطانات الأكثر شيوعا، مثل سرطانات الرئة والثدي والقولون والأورام اللمفاوية، تتطور أشكالها وتتهرب من الجهاز المناعي.
وأوضح أن الأورام السرطانية عادة ما تتهرب عبر الخلايا التائية المنظمة التي تعرف باسم (تريغس)، وهي مجموعة فرعية من الخلايا المناعية التي تعطل قدرة الجهاز المناعي على مهاجمة الخلايا السرطانية، لذلك غالبا ما تتسلل الأورام من هذه الخلايا ما يتسبب في انتشار الأورام السرطانية في الجسم. وأشار إلى أن العديد من الأورام السرطانية تنتج مستويات عالية من البروتين الذي يساهم في زيادة مستويات خلايا (تريغس) التي تعطل قدرة الجهاز المناعي على مهاجمة الخلايا السرطانية. ولمعالجة هذه المشكلة، طور الباحثون فئة من أدوية العلاج المناعي تسمى ( واي – تراب) تعمل على إيقاف زيادة مستويات خلايا (تريغس)، ما يسهم في زيادة كفاءة الجهاز المناعي في محاربة السرطان.
واختبر الفريق تلك الأدوية على خلايا سرطان مهندسة وراثيا، ووجدوا أنها نجحت في خفض نمو الخلايا السرطانية، مقارنة مع عقاقير أخرى للسرطان مثل “أتيزوليزوماب” و”أفيلوماب”. ويعتمد عقارا “أتيزوليزوماب” و”أفيلوماب” عادة على تعطل آلية تستخدمها الأورام للاختباء من جهاز المناعة، الأمر الذي يتيح للجهاز التعرف على السرطان ومهاجمته.
ومن جانبه، قال الدكتور روبرت فيريس، أستاذ علم الأورام بجامعة جونز هوبكينز، “يبدو أن هذا النهج يعتبر استراتيجية مبتكرة، وإنجازا فنيا مثيرا لاستهداف آليات تعطيل الجهاز المناعي لمكافحة السرطان”. ونقلا عن هيئة الإذاعة البريطانية، قال الدكتور مارتن فورستر، من معهد السرطان بكلية لندن، “إنه أمر مثير حقا، أعتقد أن هذه الأدوية ستشكل نقلة نوعية في طريقة علاجنا لسرطان الرئة”.
ويرى أنه بعد فشل العلاج الكيميائي فإن المعدلات الحالية للنجاة من المرض مفزعة. واستدرك “لكن في حالات المرضى الذين يستجيبون للعلاج المناعي، فإن النتائج تظهر سيطرة طويلة على المرض. أعتقد أنه تحول كبير في علاج سرطان الرئة، وبالنسبة إلى المرضى سيكون تحوّلا دراميا”.
وأكد معهد أبحاث السرطان في المملكة المتحدة أن تسخير الجهاز المناعي سيكون “جزءا أساسيا” من علاج السرطان. ويقول الدكتور ألان وورسلي، المسؤول بالمعهد، “تظهر هذه التجربة أن إحباط قدرة سرطان الرئة على الاختفاء من أمام الخلايا المناعية ربما يكون أفضل من العلاجات الكيميائية الحالية”.
ويضيف “مثل هذه التطورات تعطي أملا حقيقيا لمرضى سرطان الرئة، الذين ليس لديهم حتى الآن سوى خيارات قليلة جدا”.
ومن المأمول أن تعمل تلك الأدوية على علاج عدة أنواع من السرطان، لكن لا يزال هناك الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى من يجيب عليها. فالآثار طويلة المدى لتعديل النظام المناعي للجسم تبقى غير معروفة حتى الآن، كما أن أفضل طريقة لمعرفة الأشخاص الذين سيستجيبون لهذا العلاج غير مؤكدة. كما أنه من المرجح أن تكون تكلفة هذا النوع من العلاج باهظة جدا، مما يمثل عائقا أمام الخدمات الصحية التي ستسعى لتوفيره.
وحسب بيانات منظمة الصحة العالمية، فإن مرض السرطان، يعد أحد أكثر مسببات الوفاة حول العالم، بنحو 13 بالمئة من مجموع وفيات سكان العالم سنويا.
ووفق المنظمة، تتسبب سرطانات الرئة والمعدة والكبد والقولون والثدي وعنق الرحم في معظم الوفيات التي تحدث كل عام بسبب السرطان.