
شهدت بيروت ما بين الثالث والعشرين والسادس والعشرين من الشهر يونيو / حزيران الحالي، عقد اجتماعات متتالية للمؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الاسلامي بحضور حوالي مئتي شخصية عربية يمثلون مختلف التيارات القومية والناصرية والاسلامية وقوى المقاومة من مختلف الدول العربية.
وكان من أبرز المشاركين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية والأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي زياد نخالة ونائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم والمفكر منير شفيق وعدد كبير من قادة حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية وقيادات ناصرية من مصر تقدمهم المرشح السابق لرئاسة الجمهورية حمدين صباحي والذي انتخب أمينًا عامًا للمؤتمر القومي العربي، إضافة الى عدد كبير من الشخصيات القومية والاسلامية من لبنان والعراق واليمن والسودان والكويت والبحرين وسلطنة عمان والمغرب وليبيا والجزائر وتونس والاردن وفلسطين .
وأهمية إنعقاد المؤتمرين في بيروت في هذه المرحلة كونهما يشكلان الاطار الشعبي العربي الداعم للمقاومة والرافض للتطبيع مع العدو الصهيوني ولتشكيل ما سمي “حلف ناتو شرق اوسطي”، إضافة الى رفض التدخلات الغربية ودعم الوحدة العربية ومواجهة كل أشكال التطرف والعنف الذي يستهدف الدول العربية.
وقد شهد المؤتمران نقاشات صريحة وجريئة لتقييم الواقع العربي وكيفية النهوض في مواجهة الازمات الداخلية والخارجية وتمت مناقشة أسس المشروع النهضوي العربي الذي أطلقه أحد مؤسسي المؤتمرين المفكر الراحل الدكتور خير الدين حسيب، وهي تتناول: الوحدة العربية ، التنمية المستقلة، الديمقراطية ، الاستقلال والامن القومي ، العدالة الاجتماعية ، التجدد الحضاري .
كما قدمت أوراق حوارية حول مواجهة الهجمة الاميركية – الاسرائيلية وتحديات وحدة الامة، والتطورات الدولية والقومية، كما قدّم المفكر منير شفيق رؤية متكاملة ومستقبلية حول التكامل القومي – الاسلامي دعا فيها الى تطوير التحالف بين قوى ومحور المقاومة لمواجهة التحديات المختلفة لان هذا هو الخيار الافضل في المرحلة المقبلة.
وكان من الواضح إهتمام حزب الله وحركتي حماس والجهاد الاسلامي والجماعة الاسلامية في لبنان بالمشاركة الفعالة والكبيرة في أعمال المؤتمرين من خلال العدد الكبير من مسؤولي هذه الاطراف الذين شاركوا، وكانت مشاركة قادة المقاومة والمواقف التي اطلقت حول استعدادات قوى المقاومة لمواجهة اية اعتداءات اسرائيلية مستقبلية وتعزيز التعاون بين قوى المقاومة مؤشرًا مهمًا للتطور الكبير في العلاقة بين هذه القوى.
وقد تزامن انعقاد المؤتمرين مع اللقاء الذي جمع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مع وفد كبير من قادة حماس برئاسة اسماعيل هنية والجولة التي قام بها هنية على القيادات اللبنانية والمشاركة في احتفال شعبي كبير في منطقة صيدا، وقد نشرت معلومات من مصادر عدة ان حزب الله يسعى لترتيب عودة حركة حماس الى سوريا وان التحضيرات مستمرة لتهيئة صدور هذا القرار والذي لقي بعض الاحتجاجات لدى حركات اسلامية سورية .
ومن الواضح أن دعم قوى المقاومة ومواجهة التطبيع العربي – الصهيوني سيشكلان في المرحلة المقبلة عنوان التقارب الكبير بين القوميين والاسلاميين بعد حصول بعض التراجع في هذا التقارب في السنوات الماضية، وإن كان هذا التقارب لا يمنع وجود تحديات اخرى كبيرة امام القوميين والاسلاميين ولا سيما ما تواجهه بعض الدول العربية من ازمات سياسية واجتماعية واقتصادية ومعيشية، إضافة لاستمرار الصراعات الاقليمية والدولية والمخاوف من إندلاع حرب كبرى في المنطقة تحت عنوان مواجهة الدور الايراني المتعاظم .
فهل سينجح القوميون والاسلاميون في إعادة ترتيب الصفوف فيما بينهم على قاعدة المقاومة؟ أم أن الخلافات السياسية والفكرية والمذهبية ستطيح هذه الجهود مرة اخرى؟