
من ميزات العبقرية أن يكون العبقري مفعماً بالأمل طامحا الى العُلا. البائس الشقي هو من فَقدَ الأمل وحتى دون ذلك. وقد قيل ان كلبا متهللا أفضل من أسد ميت.
في البدء نأمل الكثير ثم لا نأمل بما فيه الكفاية. بلا أمل يعيش المرء نصف حياة. بالأمل يحلم ويفكّر ويعمل. يحتاج الى ثلاثة لكي يسعد في هذا العالم: إنسان يحبّه وشيء يفعله وآخر يأمله.
إن أنت انتزعت الأمل من قلب امرئ جعلته وحشا ضاريا. على انه، بين كل العلل التي يعانيها البشر، وحده الأمل زهيد الثمن وأعدل العلاجات توزّعاً بينهم.
إن من نتوق إليهم ونصبو، بين الرجال والنساء، أناس يزرعون الأمل في محيطهم القريب والبعيد، في حنان لا ينضب وإرادة لا تنثني. اننا في حاجة الى أولئك البشر المتوافرين في مجتمعنا، لتأكيد أولوية العيش الواحد في مواجهة الغرائز الحيوانية الصرف التي تدفع الأجناس الى التهام بعضها بعضا.
نحتاج الى من يصغي الى نداء الناس المتقطّع وإلى عويلهم المحزن، وينظر الى جراح أحدثتها فيهم نصال الرزايا واليأس المريب. نحتاج الى من يسير بجوانب أكواخ الفقراء وبيوتهم ويسمع الأمهات يعللن أطفالهن تعليلا، وينشدن لهم نغمات تنسيهم، ولو الى حين، مضض الجوع ولو قليلا، وتساعدهم على النوم ولو بعض الوقت. هل من مسؤول يحدّق الى أولئك الأطفال وينصت الى اناتهم الخافتة الموجعة، ليرى انهم حرموا حتى الأمل، وسلبوا لقمتهم وراحتهم وجعلوا هدفا لسهام الموت المروّع؟ هل من يحدّق الى أمهاتهم البائسات ليلمح الكآبة الخرساء مرتسمة على وجوههن الشاحبة المتظاهرة بالسكينة والاطمئنان، وينقل بصره الى الآباء المساكين الذين يكدحون في سبيل القوت، والقوت بين أشداق ذئاب المجتمع الكاسرة؟