أخبار محلية

لماذا انتظار الاستحقاق الرئاسي؟

دخل البلد مرحلة جمود جديدة في انتظار موعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فباتت وتيرة تأليف الحكومة المُرتقبة بطيئة، وانصرفت قوى سياسية عدة إلى التحضير للاستحقاق الرئاسي على مستوى إجرائه وتحالفاته ومرشحيه.

التركيز على الاستحقاق الرئاسي ينطلق من أنّه مفصلي ويرسم المرحلة المقبلة للبلد، فعرقلة حصوله في المهلة الدستورية التي تبدأ بعد نحو شهرين في الأول من أيلول المقبل وتنتهي في31 تشرين الأول 2022 عند انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، تعني أنّ هناك تحضيراً خارجياً – داخلياً لاستحقاقات أكبر، ورسم لمرحلة مفتوحة على كلّ الاحتمالات، تبدأ من الفوضى وقد لا تنتهي بتغيير النظام. أمّا إجراء الانتخابات الرئاسية بلا تأخير فيُترجم الإرادة المعلنة بضبط الوضع في لبنان وعدم أخذه الى الانهيار التام.

كذلك يشير إسم الرئيس العتيد وهويته السياسية إلى معالم المرحلة الآتية. وهذا كلّه مرتبط أيضاً بالأوضاع الإقليمية والدولية في ذلك الوقت، علماً أنّ الانتخابات الرئاسية أساساً، من أكثر الاستحقاقات في لبنان التي تعكس التدخّلات و»الأهواء» الخارجية وتأثيراتها عليه.

كذلك يُعتبر استحقاق الرئاسة مفصلياً، إذ من خلاله يُعاد إنتاج كلّ السلطة التنفيذية، من رئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة فالحكومة. وعلى رغم تقليص صلاحيات رئاسة الجمهورية في الدستور عام 1990 إثر «اتفاق الطائف»، إلّا أنّ رئيس الجمهورية لا يزال يملك صلاحيات أساسية مؤثرة في طريقة الإدارة والعمل والنهج المُعتمد في الدولة، وأبرزها، أنّ أي حكومة لا تُبصر النور من دون توقيعه، وبالتالي هو قادر على ضبط إيقاع الحكومة من خلال تشكيلتها.

إلى ذلك، تركّز جهات سياسية على الاستحقاق الرئاسي أيضاً، لأنّ رئيس الجمهورية رأس الدولة. وانطلاقاً من هذا الموقع المعنوي الكبير والصلاحيات الموجودة بين يديه، هو قادر على التوجيه وضبط كلّ إيقاع الحياة الوطنية والسياسية، وأن يكون الكلمة الفصل في موضوع القضاء والقوانين والمؤسسات والانضباط والإدارة وطريقة سير الأمور. وبالتالي هو قادر، بحسب هذه الجهات، على إحراج كلّ الكتل والقوى السياسية، انطلاقاً من رسمه الخط العام، فهو رأس البلاد والهرم، والذي يفرض التوجّه العام، وليس المقصود التوجُّه السياسي بل القضائي والقانوني والإداري والمسلكي والمؤسساتي والدستوري والدولي والعربي. كذلك هو قادر على الضغط في اتجاهات واضحة المعالم على كلّ المستويات المطلوبة. لذلك، إنّ دوره أساس ومفصلي وبنيوي.

على صعيد التحضيرات لهذا الاستحقاق، كان سبق لـ»حزب الله» أن دعا قبل الانتخابات النيابية في أيار 2022، إلى «التوافق» على رئاسة الجمهورية، وهذا «التوافق» يعني بحسب جهات سياسية، أنّ «الحزب» أبدى استعداده للتخلّي عن مرشح من 8 آذار، أمّا وقد حصلت الانتخابات وخسر «الحزب» بنتيجتها الأكثرية النيابية، فبات متعذّراً إيصال رئيس من فريق 8 آذار، إلّا إذا حظيت هذه الشخصية بتأييد نواب مستقلّين ومعارضين. وهنا أيضاً يشكّل هذا الاستحقاق تحدّياً للغالبية النيابية المُفترضة، التي لم تتوحّد بعد في أي استحقاق بعد بدء ولاية المجلس النيابي الجديد، فخسرت معارك رئاسة المجلس ونيابتها وهيئة مكتبه واللجان ثمّ رئاسة الحكومة.

وتترقّب القوى السياسية موعد دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، مع الدخول في المهلة الدستورية لإجراء هذا الاستحقاق. وحتى الأول من أيلول المقبل، يجب تحضير الظروف لإنضاج هذا الاستحقاق، بحسب جهات سياسية، تعتبر أنّ بري أعطى إشارة إلى أنّه سيدعو بلا تأخير إلى جلسة انتخاب رئيس.

المصدر
kataeb
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى