
أين صار التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020؟قبل شهر من الذكرى الثانية لمجزرة العصر، ينظر إلينا القتلى بعيونٍ ملأى بالازدراء والمرارة، كأنها تقول: ماذا فعلتم بنا، نحن رماد الحريق؟ وماذا تفعلون ببيروت، ببيوتها الثكلى، وكرامتها الممعوسة؟ أيظلّ القاتل حرًّا طليقًا، يسرح ويمرح، ويُترَك التحقيق رهين الحقارات السياسيّة الدنيئة، بدون أنْ يتغيّر شيءٌ يُذكَر في المعادلة؟
لا أعتقد أنّ أحدًا من أهل الحكم يهمّه مصير التحقيق. ولو أن ذلك كان موضع اهتمام، لوُضِع باعتباره شرطًا مطلقًا للقبول بتكليف حكوميّ، وشرطًا لاحقًا لكلّ تأليف.
الرغيف لم يعد ترفًا. أصبح حلمًا يعزّ تحقيقه والحصول عليه.
الدواء؟ من يعرف كيف يمكننا تأمين المال للحصول على دواء. أمّا دخول المستشفى فبات يتطلّب أعجوبة.
إسألوا الأهالي المهجوسين بتعليم أولادهم، وتأمين لقمة العيش، أنْ يحكوا لكم قصّة ليالي الأرق التي تطرد النوم من عيونهم، بسبب البحث المستحيل عن دولار، عن الفريش ماني، يصلهم من وراء الصحارى والبحار.
أما السلطة ومافياتها، فثمة “همٌّ” واحدٌ يوحّدهم: كيف يرسّخون شروشهم السرطانية في جسم لبنان؟
أنظروا إليهم واحداً واحداً، وهم يتبادلون الأدوار والمواقف، بالتزامن مع طبخة تأليف حكومةٍ نعرف سلفاً أنها لن تنتشل الرغيف والبنزين والماء والكهرباء والدواء من المصير المأسوي المحتوم. هل سمعتم أحدًا يشترط رفع القيود عن التحقيق في جريمة تفجير بيروت، لقبول المشاركة في الحكومة؟ هل سمعتم أحدًا يطالب بوزير للطاقة، للاتصالات، للعدل، للداخلية، من منطلق المصلحة الوطنية العليا لا من منطلق المصلحة الخاصة وإحكام القبضة؟ ثمّ تسألون، لماذا وصلنا إلى قعر القعر؟ ولماذا لا ينتظرنا إلاّ ما هو تحت قعر القعر؟
ما الذي يمنع من أن يكون الرابع من آب 2022 يومًا تاريخيًّا لتحرير لبنان؟
ما الذي يمنع؟