
الإنسان الحر لا يقبل بالذل اذا ما ضيم ولحقه الأذى في حله وترحاله ،لكنه يقتحم المسافات الصعبة ولا يمل عن السعي الدائم والدؤوب مهما اعترضته الظروف ،يفتش عن العدل في الحياة ويسعى لتحقيق العدالة على الأرض ويناضل من أجل الحرية محصنا بالمبادىء والتضحيات ،يحاول التقرب من هموم الجماهير وقضاياها المعيشية ،يحميهم من حيتان الفساد وتجار الصحة ومصاصي الدماء ليكون له “قيمة وإنجازات” في الميدان خاصة إذا كان لديه موقع المشاركة في السلطة ويحتكم بالقانون بعيدا عن إغتصاب حقوق الناس ونهب المال العام ويساهم مساهمة فعالة في بناء وطن معافى يسوده الأمن والسلام .
ولكن من الصعب أن نجد قادة تعمل لمصلحة البلاد في زمن تراجعت فيه القيم والأخلاقيات والانسانيات حتى الانهزام وتساقطت مقاييسها ،أمام اجتياح جبروت المادة وثقافتها السطحية الاستهلاكية المشوهة ،واختلال ميزان الصراع بين الخير والشر دون رادع أو ضوابط ،وهذا ما نشهده من خلال الطغيان للفكر المادي ،حيث تشرع القوانين حسب مصالحهم وحاجتهم الشخصية وتستخدم العدالة كأداة لتطوير القوانين والتشريعات بعيدا عن القوانين المفصلية المرتكزة على الحس والضمير الإنساني .
فالإنسان هو من صاغ القوانين وطورها بناء للقواعد العقلية المرتكزة إلى الحس والضمير الإنساني ،لكنه عاد وحكم بالظلم وهذا ما نشهده من خلال تجويع الشعوب وتهجير ها ودزها ضمن أطر الحروب المتكررة ،ليكون أداة من أدوات الفتن والتخريب لما يختزنه في عمقه البنيوي من التطرف والتعصب الطائفي والعرقي ،لذلك نجد الخطر محدق بنا ويقودنا إلى الهاوية وسط شريعة الغاب،خاصة اذا لم تكن هناك مفاهيم للعدالة تنشر أعمالها في المجتمعات البشرية وتكون هناك ركائز امن مجتمعي والغاء الفوارق الطبقية وزرع الرحمة بقلوب البشر .