ثقافة وحوار

دورة تدريبية في مجال حماية الطفل في نقابة محامي طرابلس

نظمت جمعية “حماية”، دورة تدريبية لمحامين من لجنة المعونة القضائية والمساعدة القانونية، برعاية نقيب المحامين في طرابلس والشمال محمد المراد، في إطار مذكرة التفاهم التي وقعتها الجمعية والنقابة لتفعيل التعاون بينهما في مجال حماية الطفل، بالشراكة مع منظمة “يونيسيف” ضمن برنامج عدالة الأطفال، في حضور عضوي مجلس النقابة ريمون خطار وباسكال أيوب ومدير مركز المعونة القضائية والمساعدة القانونية في النقابة فهمي كرامي ومدير منطقة الشمال وعكار في الجمعية غيث البيطار، في دار النقابة في طرابلس.

وتهدف الدورة الى تمكين الأساتذة المحامين المشاركين: عباس الحسن، هانيا إيعالي، يوسف الهضام، نسرين الحسن، خالد عمار، جهاد سعيد، سيلفي منصور، إيلي واكيم، إيلي معوض، محمد الزاهد طالب، جيهان إلياس، هلا العلاف، فاطمة كنج هوشر، رامي غمراوي، كردية سعيد، زينب كنج باشا، هند المكاري، هلال كنج باشا، حسن عيد، فاطمة عطرشان، من تمثيل الأطفال أمام القضاء اللبناني بشكل فعال، ليراعي في جوهره مصلحة الطفل الفضلى وليس مصلحة الجهة الموكلة، وسلطت المحاضرات التي ألقاها قضاة ومحامون وممثلون للجمعية، الضوء على الدور الوقائي والاجتماعي الذي يمكن للمحامين ممارسته لتحقيق مصلحة الطفل الفضلى، سواء كان الطفل مخالفا للقانون أو معرضا للخطر، من دون أن يخل هذا الأمر بآداب مهنتهم كمدافعين عن مصلحة موكليهم.

المراد
واستهل النقيب المراد الجلسة الافتتاحية بكلمة قال فيها: “لا شك في أن موضوع التركيز على حماية ورعاية الطفل ليس بحديث على المستوى الدولي والمنظمات العالمية، بدءا من إعلان جنيف الذي صدر العام 1924 واستتبعته الكثير من المعاهدات والمواثيق والإعلانات، حتى العام 1989 عندما أقرت الأمم المتحدة اتفاقية الطفل، ودخلت حيز التنفيذ في العام 1990، وأعطت أسمى صور المعاني بالتعاطي مع الطفل والطفولة، والتزم لبنان هذه الاتفاقية التي تتحدث في أكثر من مكان عن موضوعين: الوقاية والحماية بالنسبة للأطفال الذين يحتاجون اليها، والأطفال الذين يقومون بأعمال تتعارض وأحكام القانون، فلا شك في أن معالجة هذه المسألة دقيقة جدا، إذ تتأتى مصادرها من بيئات مختلفة، تجعل حال الطفل مختلفة من طفل لآخر”.

أضاف: “البيئة الآمنة للطفل التي تجعله مطمئنا واثقا بنفسه، هي تلك البيئة العائلية المحبة المتفاهمة المتضامنة، وما عدا ذلك نرى الطفل في حال اللاأمان، ويمكن أن ينتج منها عواقب وآثار سلبية، فالمرتكز الأساس لحماية الطفل يبدأ من العائلة، وبقدر ما تكون العائلة متضامنة ومحبة في ما بينها، بقدر ما تؤمن البيئة الآمنة للطفل حتى يكون في مكان ما على درجة عالية من الثقة بالنفس، وبالتالي مقتدرا أن يفكر بطريقة صحيحة وأن يسلك المسلك الصحيح، بدلا من الذهاب الى مسار آخر يجعله معرضا للخطر”.

ورأى أن “الجمعية أثبتت حماية للرأي العام وأهل الاختصاص على المستويين الداخلي والخارجي، مصداقية ذات منسوب مرتفع في التعاطي مع هذا الموضوع بالذات، على الرغم من عمرها القصير الذي بلغ ثمانية أعوام، وهذا ما جعل هذه المؤسسة متقدمة على سواها، نتيجة المنهاج الذي اعتمدته لإثبات مشروعها المتمثل بتحقيق المصلحة العليا للطفل وتنفيذه، لذلك عندما عرض علينا هذا المشروع كنا من المتحمسين لإبرام هذا التعاون، لأننا نجد من خلال هذا المركز أن هذا التعاون ضروريا لسد مكامن الخلل في التعاطي مع قضايا الطفل بمختلف تشعباتها وتعقيداتها، فنحن نؤمن بمبدأ التخصص، والمحاماة لم تعد تختصر على الدور العام للمحامي، لذلك سوف نعمل وجمعيتكم على أدوار إضافية للمحامي، غير دوره الأساسي كوكيل، بل يتعداه الى الدور الوقائي والحمائي للطفل في القضية التي يتولاها”.

واعتبر أن “عملية التكامل في هذا الدور بين دور قضائي وقانوني، من شأنها أن تؤمن كل الوسائل التي يجب أن تتأمن للطفل من الناحية القانونية، وإلا نكون أخفقنا في دورنا كنقابة محامين ومحامين في الدفاع عن الأطفال أمام القضاء وفي التحقيقات الأولية، فهذا الدور المزدوج يحملنا مسؤولية أكبر، ويحفزنا على الذهاب نحو التخصص في هذا الموضوع، وتعزيز ثقافتنا ومعلوماتنا من خلال هذه الورشة وغيرها، فنحن جميعنا بحاجة الى مزيد ومزيد من الدورات، حتى نكتسب المهارات الحقيقية في الدور الذي يجب على المحامي اليوم القيام به”.

وتوجه الى الأساتذة المشاركين في الدورة التدريبية: “نتطلع من خلالكم الى تعاط جديد، بنفس وأسلوب ومسلك وثقافة جديدة، في القضايا الجنائية والجنحية أمام محكمة الأحداث، وذهبنا اليوم في النقابة وحوالى 200 زميل وزميلة نحو التخصص في المحاماة في العديد من المواضيع، وهذا الجانب على قدر كبير من الأهمية، نقدم به للقضاء نموذجا جديدا في مجال التعاطي مع ملفات الأحداث والأطفال من خلال نقابة المحامين، ونحن دوما نؤكد العلاقة التكاملية الأكثر من ممتازة مع القضاء، وهذا يسهل لنا العديد من الأمور في عملية التعامل والتعاطي، لأننا نعرف أن هناك سرية في التعاطي بملفات الأحداث، فعندما تتولى النقابة ومركز المعونة، متابعة ومواكبة هذه الملفات، بالتعاون والتكامل مع جمعية حماية، نستطيع حينها القيام بالدور المطلوب منا، أخلاقيا وإنسانيا”.

وشدد على أن “نقابة المحامين مصرة على أن تتعاطى مع كل قضية من القضايا بعمل مؤسسي، ونحن نسعى من خلال منظومتنا الثلاثية الذهبية المتمثلة بمعهد حقوق الإنسان ومركز المعونة القضائية والمساعدة القانونية ولجنة السجون، الى الوقوف والدفاع عن حقوق الإنسان، كل بحسب اختصاصه وموقعه بتكامل دائم من دون أي تعارض في ما بينها”.

وختم المراد: “لنعد جميعا الى طفولتنا وأنسنتنا، فكما قال فيكتور هيغو إن عبقرية الإنسان تكمن باختزان طفولته حتى الشيخوخة، فما أجمل أن تعود بنا الذاكرة الى تلك المرحلة الماضية بكل معانيها ومقاصدها ومبانيها، مما يجعل أعمالنا مطبوعة بالعمل الإنساني، فوفقنا الله وإياكم الى ما فيه خير الإنسانية والطفولة، وجمعنا جميعا الى ما نصبو اليه من تحقيق لمعاني الإنسانية المتمثلة اليوم في هذه الورشة بتحقيق المصلحة الفضلى للطفل”.

البيطار
وكان لمدير منطقة الشمال وعكار في الجمعية كلمة لفت فيها إلى أن “الجمعية تعمل منذ العام 2008 على جعل حماية الطفل في لبنان حق، واتبعت لتحقيق ذلك برنامجين أساسيين هما برنامج الوقاية وبرنامج الحصانة والمرونة، واستطاعت منذ تفويضها في العام 2018 من وزارة العدل، التدخل ومتابعة جميع حالات العنف على الأطفال في محافظة الشمال، الاستجابة ل266 حالة وردت إلى مكتب الجمعية وتم التأسيس ل85 ملف حماية لقاصرين معرضين للخطر”.

وأشار إلى أن “التدريب يهدف أيضا إلى مد المتدربين بالمعلومات الكافية لفهم المبادىء الأساسية لحقوق الطفل المعرض للعنف والطفل المخالف للقانون، إذ أن المقاربة التي يعتمدها المحامي في ملفات حماية الطفل مختلفة عن تلك المعتمدة في الملفات الأخرى، لكونها ترتكز على تحقيق مصلحة الطفل بالدرجة الأولى، كما يلعب دورا أساسيا في ظل غياب تخصص للمحامين يندرج تحت حماية الطفل بالإضافة إلى لكون الممارسات الحالية في نظام العدالة في لبنان لا تساعد في تمكين المحامي من أداء دوره بشكل فعال”.
وشكر للجميع من ساهم في إنجاح هذا التدريب.

وبعد ست جلسات، تلت منسقة القسم القانوني الخاص بالأطفال في الجمعية باسمة رماني أهم عناوين الجلسات التي استمرت يومين، على أن توزع شهادات المشاركة لاحقا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى