
ما الذي كشفته ازمة جائحة الكورونا ؟
ولماذا فشلت دول الغرب في ادارة الازمة ؟
كيف ستسقط اسس الرأسمالية العالمية ويخرب حكم دولها ويتغير العالم ؟
كي لا نطيل المقال ونطنب فيه لاني تناولت في مقالات سابقة وقصيرة من ان الاثر الذي احدثته ازمة الكورونا وسيكون سببا لتغيير قناعات العالم وسياسته وتحالفته واقتصاده وحتى ثقافته
لماذا نجحت الصين في ادارة الازمة وفشلت فيه دول الغرب الرأسمالي ؟
الجواب بسيط جداً وليس بحاجة الى التمحل في التحليل
لان الصين كدولة حاكمة هي من كانت تملك وتدير قطاعها الصحي وليس الشركات الخاصة او المؤسسات المخصخصة وهذا يستتبع قبل ذلك ادارة قطاع التعليم والتخطيط والبحث من الدولة ذاتها
لان كل قطاع الخدمات ثبت بالتجربة والبرهان والواقع ان الشركات الخاصة ممكن ان تدير وتقدم خدمة لا تقل جودة عن القطاع العام بل اكثر طالما انها تجني ارباحاً لكن في الازمات عندما تشعر هذه الشركات انها لن تربح او ستخسر من عائداتها فانها ستستنكف بشكل طبيعي عن اداء عملها لان الشركات ليست جمعيات خيرية ولا مؤسسات عامة همها مصلحة المواطنين وصحتهم بل همها مصلحتها وكيفية زيادة رأس مالها والمحافظة على وتيرته التصاعدية في السوق او بما يصطلح عليه بالبورصة
وهذا ما حدث في اميركا وبريطانيا واوروبا عموما
القطاع الصحي الخدماتي في اميركا قطاع خاص وليس قطاعا عاما كما في الصين
لهذاالسبب رأينا ان اميركا طوال العقد الماضي ارادت ان تدير العالم من خلال الشركات الكبرى بحيث تكون كل البلاد التي تهيمن على سياستها تتبع نفس نموذجها ويكون كل قطاع الخدمات تحت ملكية وادارة هذه الشركات الكبرى ومتفرخاتها الوكالية المحلية كي يسهل اخضاع الدول وادارة سياستها واقتصادها واستتباعها
لكن عند الكوارث والازمات هذه الشركات ستتخبط ولن تفعل شيئاً سوى الحفاظ على مصالحها وبالتالي سيؤدي الى سقوطها وسقوط من يتولاها اذ لا يعقل ان يستمر تركز ثروات العالم في يد 1% من الناس الذين هم اصحاب هذه الشركات وفي الازمات يكون لا علاقة لهم بكل ما يعانيه العالم
وهذا من سنن التاريخ وليس بدعا من القول او تحليل مضلل
وقد ورد في عهد علي عليه السلام الى مالك الاشتر لما ولاه مصر كتبَ له: وتفقد أمر الخراج بما يصلح أهله فإن في صلاحه وصلاحهم صلاحاً لمن سواهم، ولا صلاح لمن سواهم إلا بهم، لأن الناس كلهم عيال على الخراج وأهله. وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد، ولم يستقم أمره إلا قليلاً ….
لاحظ هذه العبارة (لأن الناس كلهم عيال على الخراج واهله ) والخراج هو عائدات الضرائب وارباح القطاع العام والمواطنين شركاء فيه وبتطويره وعمارته بل هم عياله اي ابناءه وهم احق طرف في الاستفادة منه لصلاح امرهم .
التجربة الصينية ليست تجربة علمية وصحية فحسب بل تجربة انسانية حتى لو كانت الصين تفكر بمصالحها
من كان يتخيل او يظن مجرد ظن ان خمسين دولة في العالم بما فيها بعض دول حلف الاطلسي الاساسية تطلب مساعدة الصين لتخطي الازمة وتنظر بعين الاحباط وخيبة الظن الى من كانوا يظنون انها الدولة العظمى التي تدير العالم وانها حليفتهم ؟
هذه هي سنن الله في خلقة مقدمات تؤدي الى نتائج وما ربك بظلام للعبيد