
في قلب حي مار جرجس ومار مخايل, أصبح لزحلة اليوم معلم ثقافي جديد يحمل اسم “بيت مخايل قادري للثقافة”, بعد أن قرر نجلاه, عبدالله والدكتور عادل, وهبه لبلدية زحلة – معلقة وتعنايل, ليكون بيتًا مفتوحًا للثقافة والتلاقي بين الزحليين.
وتكريمًا لعائلة قادري, أطلقت البلدية اسم مخايل قادري على الشارع المؤدي إلى البيت, ليبقى اسمه حاضرًا في ذاكرة المدينة, كتجسيد لروح المحبة والعطاء.
لم تكن هذه المساهمة الأولى لعائلة قادري, فقبل 20 عامًا, قدّما أيضًا قطعة الأرض التي بني عليها موقف السيارات الذي يخدم كنيسة مار يوسف الأنطونية والحي الملاصق.
في العام 2021 قدم آل قادري مفتاح البيت لزغيب لأول مرة. جاء ذلك بعد جهد بذل في انجاز المعاملات الرسمية, التي استغرقت وقتا طويلا, وفقا لقادري, وربما كانت ستهدر وقتاً أطول لولا مساعدة الأساتذة زعتر في حلحلة الأمور.
ولكن عملية التسليم النهائية للبيت ترافقت مع إنهيار ماليات البلديات ومن بينها بلدية زحلة. ومع ذلك سارعت البلدية الى وضع تصور أولي لكيفية إستغلاله مستقبلا. وبقي همها أن يبقى إستخدام البيت مراع لطابعه التراثي. ولذلك كان التوجه لدى البلدية كما شرح زغيب لجعل البيت مركزا للثقافة ولتلاقي الأندية والجمعيات الزحلية في نشاطاتها المتنوعة.
حماس البلدية للبيت التراثي يوازي حماس الزحليين في توجههم لإعادة تأهيل البيوت القديمة والحفاظ على ذاكرتها, وعلى ما تختزنه من نوستالجيا بالنسبة لهم. ولأنه بيت قديم ليس مشغولا حالياً, كان الهاجس الأول لدى البلدية, الى أن تتوفر لديها الماليات, منع تدهور حالة المنزل التراثي, مع التأكيد على الحفاظ على تفاصيله المعمارية الأصلية.
ولذلك أهلت البلدية المنزل بما يحمي سقفه البغدادي, وأعادت تركيب القرميد الذي يعلوه كما هو. فطمأن رئيس البلدية عائلة قادري وخصوصا الدكتور عادل, بأنه لن يمس بأي تفصيل من تفاصيل المنزل التراثي, وأنه سيحافظ على درج الحجر المؤدي له كما رغب. ولن يزال منه سوى القسم المضاف من الباطون, حفاظا على الجمالية التراثية للمكان.
واعرب زغيب عن طموحه مع البلدية بإدراج البيت ضمن مسار سياحي يربط بين معالم المدينة القديمة وكنائسها التاريخية, التي أصبحت محجا للبنانيين, وخصوصا في يوم خميس الأسرار.
حماس زغيب للبيوت التراثية, دفعه في المقابل الى دعوة كل أصحاب هذه البيوت للحفاظ عليها, قائلاً “لدينا مدينة ولا أظرف, فيها كل شي, وقريبة من كل شي, ومع أنها مدينة كبيرة, فيها من الإلفة ما يجعل كل زحلي يعرف كم غرام من السكر يختزن دم كل واحد من أبناء المدينة, وهذا لأننا نهتم ببعضنا البعض.”
الدكتور عادل قادري عبّر عن سعادته بإحياء هذا البيت من جديد, قائلاً:
أن البيت الذي هجره أهلي, وغادروه الى جوار الرب, ستعود له الحياة, وسيضج بالمنتسبين للنوادي الزحلية الفكرية والثقافية والروحية, ومن خلال أفكارهم ستتفجر مشاريع وأعمال تساهم بتطوير زحلة, لتبقى مدينة الشعر والخمر والثقافة.” متمنيا أن تتحسن ماليات البلدية لتنجز هذا الأمر سريعا.
وقال قادري, فرح العطاء الذي شعرنا به كان المكافأة الوحيدة التي نطلبها, ولم نطلب شيئا آخر. ولكن البلدية ببادرة نبيلة, أرادت ان تسمي الشارع المؤدي الى البيت على اسم مخايل قادري. وبهذه الطريقة كرمت البلدية الآدمية, وكرمت روح المحبة, وكرمت الساعي للسلام الذي كان أبي”.
خطوة تستحق التقدير, ومساحة جديدة تُضاف إلى مشهد زحلة الثقافي.