خاص الموقع

التعاطي الأميركي مع الوضع اللبناني

زارت الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس لبنان على مدى ثلاثة أيام، واجتمعت مع المسؤولين اللبنانيين، ونقلت اليهم موقف الإدارة الاميركية من ملفات التفاوض مع اسرائيل لترسيم الحدود، واستكمال تنفيذ قرار وقف اطلاق النار، لناحية تطبيق القرار 1701 القاضي بانسحاب اسرائيل من لبنان، وبسط سلطة الدولة اللبنانية بقواها الذاتية على كامل أراضيها، ونزع سلاح حزب الله وتفكيك منظوماته العسكرية والأمنية والمالية.

 

في القراءة والتحليل:

في الشكل:

  • استمرت زيارة الموفدة الاميركية الى لبنان 3 أيام، بعدما كانت زيارتاها السابقتان أقصر زمنيا.
  • للمرة الأولى توسع الموفدة الاميركية دائرة لقاءاتها وزياراتها الرسمية لتشمل، بالاضافة الى اللقاءات التي درجت على القيام بها الى كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة وقائد الجيش، كلا من وزراء الخارجية والدفاع والمالية والاقتصاد، بالاضافة الى عشاء موسع دعت اليه وزراء الطاقة والصناعة والأشغال والتنمية الادارية ووزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي.
  • يستنتج من لقاءات اورتاغوس أن الإدارة الاميركية ثبتت الهوية السياسية لوزير التنمية الادارية فادي مكي باعتباره وزيرا من خارج دائرة الثنائي امل حزب الله، سماه كل من رئيسي الجمهورية والحكومة بموافقة الثنائي، بحيث استقبلته مع وزراء محسوبين على القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، علما أن مكي سبق أن تمايز عن موقف الثنائي في التصويت الى جانب رئيس الحكومة نواف سلام ضد تعيين كريم سعيد حاكما لمصرف لبنان.
  • لم يتم الاعلان عن لقاء بين اورتاغوس والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، أو رئيس حزب الكتائب سامي الجميل أو نواب التغيير، في حين أعلن عن زيارتها الى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب مساء الجمعة قبل بدء برنامجها الرسمي يوم السبت.

 

في المضمون:

  • لم تدل الموفدة الاميركية بأي تصريح بعد لقاءاتها مع المسؤولين اللبنانيين خلافا لزيارتيها السابقتين، وجاءت المعلومات عن لقاءاتها الرسمية من خلال بيانات عن رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة ركزت على ضخ أجواء إيجابية، وتعمّدت تظهير الموقف اللبناني، المشدد على انسحاب اسرائيل من الأراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلها، ورفض التطبيع، والتمسك بالمستوى التقني للمفاوضات من خلال اللجنة الخماسية لمراقبة تنفيذ وقف النار، من دون أن تأتي على ذكر الموقف الاميركي في شكل واضح ومفصل، لا سيما لناحية نزع سلاح حزب الله.
  • خصت الموفدة الاميركية محطة ال LBCI التلفزيونية اللبنانية بمقابلة حصرية بعد انتهاء لقاءاتها، نفت فيها أن تكون حملت الى المسؤولين اللبنانيين أي مطلب يتعلق بالتطبيع مع اسرائيل. لكنها في المقابل أكدت ما تجنب المسؤولون اللبنانيون الحديث عنه لناحية مطالبتها بنزع سلاح حزب الله وكل الميليشيات. وفي ما يشبه التهديد المبطن بلغة ديبلوماسية خيرت أورتاغوس الحكومة اللبنانية بين نزع سلاح حزب الله والاصلاح وبالتالي الشراكة والصداقة مع الولايات المتحدة الاميركية، وبين الاستمرار في التباطؤ، وبالتالي عدم توقع الشراكة مع الولايات المتحدة.
  • وكالعادة بعد زيارة معظم المسؤولين الأميركيين الى لبنان، وزعت السفارة الأميركية في لبنان، معلومات عن الزيارة، جاء هذه المرة على شكل منشور مقتضب على منصة “إكس”، جاء فيه: “أعربت نائبة المبعوث الخاص مورغان اورتاغوس عن سعادتها بالعودة الى لبنان للقاء الرئيس عون، ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ووزير الخارجية يوسف رجي. وفي كل لقاءاتها ابدت ارتياحها للنقاشات الصريحة حول دفع لبنان نحو حقبة جديدة، ما يعني نزع سلاح حزب الله بسرعة، وتطبيق اصلاحات للقضاء على الفساد، وقيام حكومة منفتحة وشفافة، ليحظى جميع اللبنانيين بالايمان والثقة في دولتهم”.
  • أما الموقف الأقسى فجاء على لسان أورتاغوس في حديث ادلت به الى Alarabiya English قالت فيه:
  • حزب الله سرطان، على لبنان استئصاله إذا أراد التعافي، ويجب نزع سلاحه بالكامل.
  • الجيش اللبناني قادر على نزع سلاح حزب الله.
  • نتوقع اصلاحات في لبنان لكن لصبر ادارة الرئيس ترامب حدود.
  • أبلغت المسؤولين اللبنانيين عدم التعويل على اجتماع البنك الدولي دون اقرار الاصلاحات في المجلس النيابي.

 

 

 

الخلاصات والاستنتاجات والتوقعات:

  • جدول لقاءات اورتاغوس في لبنان يشير الى ان الادارة الاميركية لم تعد تكتفي بنقل وجهة نظرها الى رؤساء السلطتين التشريعية والتنفيذية فقط، تاركة لهم حربة التنفيذ، ولكنها تحرص على متابعة التنفيذ عن قرب وفي شكل مباشر، من خلال الوزراء المختصين وقائد الجيش العماد رودولف هيكل وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد.
  • رشح من مراجع ديبلوماسية أميركية بارزة في بيروت أن الإدارة الأميركية تتطلع الى توسيع انتشار قوات اليونيفيل في لبنان لدعم الجيش اللبناني في الانتشار خصوصا على الحدود الشرقية والشمالية مع سوريا. ويبدو أن الموفدة الأميركية ستحمل في زيارتها المقبلة طلبا الى الحكومة اللبنانية بوجوب طلب مساعدة قوات اليونيفيل خارج الجنوب وفقا لما يسمح به القرار 1701 من دون الحاجة الى العودة الى مجلس الأمن الدولي.
  • كما ستطلب الإدارة الأميركية من الحكومة اللبنانية تنفيذ خطة أمنية في مرفأي بيروت وطرابلس شبيهة بالخطة الأمنية التي نفذت في مطار بيروت، بحيث يتم ضبط ادخال البضائع ومراقبتها، بعد المعلومات التي تحدثت عن استمرار قدرة حزب الله على استخدام نفوذه في مرفأ بيروت لعمليات التهريب وإدخال وتصدير الممنوعات. ويبدو ان الادارة الاميركية تعمل على تعزيز عمل قوات اليونيفيل البحرية لمراقبة حركة الملاحة البحرية باتجاه المرافىء اللبنانية وتفتيش السفن لمنع تهريب السلاح او المواد العسكرية او المستخدمة في الصناعات العسكرية.
  • خطة الإدارة الأميركية لنزع سلاح حزب الله ليست خطة عسكرية فقط، وإنما تركز على النواحي المالية لا سيما لناحية الطلب من مصرف لبنان العمل على تجفيف مصادر تمويل حزب الله، وعلى تطبيق قانون النقد والتسليف على مؤسسة “القرض الحسن” التي تعتبر بمثابة “البنك المركزي” لحزب الله، بما يؤدي الى اقفالها، وبالتالي الى مزيد من الحصار المالي على حزب الله بما يضعف قدراته العسكرية والأمنية والتنظيمية والعملياتية.
  • قرار الإدارة الأميركية حاسم في الوصول الى الانتخابات النيابية المقبلة بعد الانتهاء من ملف حزب الله، بحيث يتم القضاء ليس فقط على قدراته العسكرية والأمنية، وانما أيضا على قدراته المالية التي يمكن ان يستخدمها لإحكام سيطرته على التمثيل الشيعي من خلال المساعدات المالية والعينية. وتقضي الخطة الاميركية في هذا المجال بفرض عقوبات جديدة على أشخاص ومؤسسات يدورون في فلك حزب الله. والأهم أن الإدارة الأميركية ستتشدد في الضغط على مرشحي حزب الله من خلال عدم التسامح مع الحكومة اللبنانية في التطبيق الحرفي لقانون الانتخاب الذي ينص على ضرورة ان يفتح كل مرشح الى الانتخابات النيابية حسابا مصرفيا غير خاضع للسرية المصرفية لمراقبة مصاريفه الانتخابية، علما أن المصارف اللبنانية امتنعت عن فتح مثل هذه الحسابات في الدورة الماضية من الانتخابات النيابية تلافيا للعقوبات. لكن الحكومة اللبنانية التفّت على العقوبات الاميركية والدولية التي يمكن ان تفرض على المصارف المخالفة للتعاطي مع حزب الله، بقرار يسمح لمرشحي حزب الله بفتح حسابات خاصة بالمصاريف الانتخابية في وزارة المال، وهو ما لن تسمح به الإدارة الأميركية في الدورة الانتخابية المقبلة تحت طائلة شمول العقوبات وزارة المال، وبالتالي الحكومة اللبنانية.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى