
مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية، يُفتح أمام المواطنين بابٌ للتغيير الحقيقي، بابٌ لا يُطرق كل يوم. إنها فرصة ثمينة لاختيار من ينهض بالقرى والمدن من ركام الإهمال، من الفقر والفاقة والبطالة والتراجع، إلى حيث تستحق أن تكون: عامرةً بالحياة، آمنة، مزدهرة، حاضنةً لأحلام أبنائها وطموحاتهم.
لم يعد مقبولًا أن يُنتخب من أوصلنا إلى ما نحن عليه، ولا أن نمنح أصواتنا لمن أهمل مطالب الناس أياً كان، وتخلّى عن مسؤولياته، واكتفى بالشعارات الفارغة والوعود التي لا تُنفّذ.
المطلوب اليوم أن ننتخب البرامج لا الأسماء، أن نُحسن الاختيار لا أن نُكرّر الأخطاء.
انتخبوا الكهرباء لإنارة بيوتكم…
انتخبوا المياه لري غليلكم…
انتخبوا الإنترنت لتتواصلوا مع العالم…
انتخبوا الطرق لتصلوا إلى منازلكم بلا حفر ومطبات…
انتخبوا من يؤمّن لكم خططًا زراعية ويصرف إنتاجكم…
انتخبوا من يؤمّن العمل لأولادكم ويمنع هجرتهم…
انتخبوا من يقيم المهرجانات في قراكم كي لا يعشعش الغراب في منازل الآباء والأجداد…
انتخبوا من يبكي ويفرح معكم، لا من يكون وجوده أشبه بالصنم والواجبات…
انتخبوا من يردّ إليكم الأراضي الموزعة كمشاعات…
انتخبوا من يرفع عن صدوركم أخطاء تصنيف الأراضي وهضم الحقوق…
انتخبوا من يعينكم إذا احتجتم إلى مستشفى أو دواء…
انتخبوا من يسعى إلى استرجاع أموالكم المسلوبة في المصارف…
انتخبوا مستقبل أطفالكم، وأحلام شبابكم، وكرامة عجَزتكم…
انتخبوا الطرق الزراعية، والمشاريع العمرانية، والمباني السياحية،والبيئة النموذجية، والمصانع التي تعيد إلى بلداتكم مجدها…
انتخبوا الأرصفة، والطرقات، وحيطان الدعم، والحدائق العامة…
انتخبوا المشاريع العمرانية، والسياحية، والصناعية، والتربوية، والثقافية… ولا تنتخبوا الشخص، بل انتخبوا المستقبل.
انتخبوا من لا يخجل حاضره بماضيه.
في الانتخابات البلدية، الناس تعرف بعضها في القرى والمدن، على عكس الانتخابات السياسية في المحافظات. فانتخبوا المصداقية، والشفافية، والآدمية، والخبرة، والتجربة، والعصامية.
صوتكم أمانة، فاختاروا بعناية، وامنحوه لمن يملك الكفاءة والخبرة، لا لمن اختاره فلان لاعتبارات لا علاقة لها بالمصلحة العامة.وانا لا اتحدث هنا عن قرية معينة او مدينة معينة بل عن كل لبنان،اتركوا الناس تختار
ولا تسير خلف الولاءات العمياء والمصالح الضيقة، بل خلف من يحمل مشروعًا إنمائيًا حقيقيًا لقريتهم أو مدينتهم ويتمتع بالمصداقية؛ من يخطط للمستقبل، لا من يعيش على أنقاض الماضي؛ من يملك القدرة على التحرك، لا من ينتظر من يحركه.
حذارِ من الولاءات العمياء التي قتلتنا. لقد آن الأوان لنتحرر من الانانيات القاتلة التي كبّلت قراراتنا.
لا تمشوا خلف جلادكم كالغنم والقطعان.
فإياكم والسير خلف من لا يعيش معاناة الناس اليومية، ولا يسير في شوارع محفّرة، ولا يشرب من مياه ملوّثة، ولا يعاني من انقطاع الكهرباء، ولا من الفقر والبطالة. فما حكّ جلدك مثل ظفرك.
كفى! فباسم الخيارات الخاطئة وغياب الرؤية والتخطيط، ضاعت الفرص، وتراجع العمران، وانهارت الخدمات.
وإن لم تصدقوا، فانظروا إلى حال مدنكم وقراكم، إلى أولادكم يتوسلون التأشيرات للهجرة، إلى بيوت الآباء والأجداد وقد نسجت عليها خيوط العنكبوت…
انظروا إلى انخفاض عدد التلاميذ في مدارسكم، وغياب الخدمات عن قراكم.انظروا الى حالكم وقد بعتم بيوتكم واملاككم لتعلموا اولادكم وتتمكنوا من مواصلة الحياة…
لنرفض التحكم بخياراتنا في الاستحقاق البلدي، من أي جهة كانت.
ولنجعل من هذا الاستحقاق مناسبةً لإعادة القرار إلى الناس، إلى أهل القرى والمدن أنفسهم، ليحسنوا الاختيار، فهم أدرى بمن يختارون ليتدبر أمورهم وأحوالهم.
البلدية ليست مكافأة ولا منصبًا فخريًا ـ وهذا ما اختبرته خلال تجربتي ـ بل هي مسؤولية يومية تحتاج إلى جهد، وعلم، وشفافية، وإرادة، وتضحية، وزهد، ومحبة للناس،وحب للعطاء ولو من الذات.
وكل من يستهين بصوته، ويقترع على أساس عائلي أو طائفي أو حزبي ضيق، أو مصلحي، أو نكاية، أو رشوة، أو تبادل خدمات، سيكتشف عاجلًا أنه أضرّ بنفسه وبأولاده وبقريته وبمدينته.
فاختاروا من تشعرون أن وجوده يحدث الفرق، فأنتم أسياد قراركم وخياراتكم، ولا يكن لكم آمرًا غير الله.
فلندرك أن التغيير يبدأ من صناديق الاقتراع، وأن من يُهمل صوته، يُهمل حاضره ومستقبل أولاده.
والله أعطانا الحرية لنعرف ماذا نختار، ولنكون أسياد القرار.